إجراءات الاحتلال تُفاقم معاناة سكانها

العيسوية.. بلدة مقدسية تُقاسي هجمة غير مسبوقة وعقابا جماعيا

القدس المحتلة - خاص صفا

 

منذ أسبوعين، تتعرض بلدة العيسوية شمال شرق القدس المحتلة لهجمة إسرائيلية شرسة اشتدت حدتها عقب استشهاد الشاب محمد عبيد (20 عامًا) برصاص قوات الاحتلال مساء الخميس، خلال مواجهات اندلعت بالبلدة عقب وقفة نظمها الأهالي، احتجاجًا على ممارسات الاحتلال بحقهم.

وتشهد البلدة حالة من الغضب والغليان الشديدين، عقب قرار محكمة الاحتلال بمنح الشرطة مهلة ٤٨ ساعة لتقرر تسليم جثمان الشهيد عبيد أو عدم تسليمه.

يأتي ذلك، فيما تواصل قوات الاحتلال حصارها العسكري المشدد على العيسوية، وانتشار قواتها الخاصة وجنودها بكثافة بالبلدة وعلى مداخلها، ونصب للحواجز العسكرية وتفتيش للمركبات والمارة، بالإضافة إلى استمرار حملة اعتقالاتها التي طالت عشرات المواطنين، معظمهم من عائلة الشهيد عبيد.

وتتفاقم معاناة سكانها بفعل إجراءات الاحتلال العنصرية وسياسة العقاب الجماعي التي تفرضها على البلدة منذ سنوات، في محاولة لإذلالهم وكسر إرادتهم ودفعهم للهجرة والرحيل.

سياسة عقابية

ويقول عضو لجنة المتابعة في العيسوية محمد أبو الحمص لوكالة "صفا" إن قوات الاحتلال تمارس سياسة عقابية واستهداف تعسفي متواصل للبلدة من خلال الاقتحامات اليومية، والاعتقالات وإغلاق مداخلها والتنكيل بسكانها والاعتداء عليهم بشكل همجي.

ويضيف أن البلدة تتعرض لهجمة ممنهجة منذ أسبوعين ولعمليات تنكيل واضطهاد من قبل مؤسسات الاحتلال، ازدادت حدتها الخميس الماضي عقب الوقفة الاحتجاجية التي نظمها الأهالي ضد سياسة العنف والعقاب الجماعي التي يمارسها الاحتلال بحقهم.

وحددًا على استشهاد عبيد، عم الإضراب الشامل العيسوية، وأغلقت كافة المحال التجارية أبوابها، وسط مواجهات عنيفة وغير مسبوقة شهدتها البلدة الليلة الماضية، ما أدى لإصابة ما يزيد عن 80 مواطنًا بجراح مختلفة، إضافة إلى إصابات بالكسور والرضوض.

ويشير أبو الحمص إلى أن قوات الاحتلال اقتحمت صباح اليوم خيمة عزاء الشهيد عبيد في البلدة، لإنزال صور الشهيد التي لا تزال تواصل احتجاز جثمانه.

ولم يسلم الناشط أبو الحمص أيضًا من الاعتداءات الإسرائيلية، فقد اعتدت قوات الاحتلال عليه بالضرب بشكل وحشي حتى داخل مستشفى هداسا بالعيسوية، دون مراعاة لحرمة المستشفى والمصابين الذين يتلقون العلاج داخلها.

وتشمل إجراءات الاحتلال أيضًا، بحسب أبو الحمص، تحرير المخالفات والضرائب وهدم المنازل، وتوزيع عشرات إخطارات الهدم وإخلاء لأراض بهدف "إقامة الحديقة الوطنية"، ناهيك عن عدم تطوير البنية التحتية وتعبيد الشوارع، وعدم وجود شبكة مواصلات للبلدة.

وكانت قوات الاحتلال أقدمت مؤخرًا على خلع عشرات الأشجار من المدخل الجنوبي الغربي للبلدة، بحجة "الأمن وعرقلتها لكاميرات المراقبة" المثبتة بالمكان

ويجد المواطنون صعوبة في حرية التنقل والخروج من العيسوية، بسبب الإجراءات الإسرائيلية المشددة، الأمر الذي يفاقم معاناتهم.

ويوضح أبو الحمص أن سلطات الاحتلال تهدف من خلال إجراءاتها التنكيلية بالعيسوية، التضييق على سكانها وتركيعهم وإذلالهم وردعهم عن التصدي لممارساته، بالإضافة إلى السيطرة الكاملة على البلدة وطردهم منها.

وحول كيفية مواجهة إجراءات الاحتلال، يقول أبو الحمص إن هناك لجانا قانونية تتابع كل ما يجري بالبلدة، وتقوم بأرشفة وتوثيق الممارسات الإسرائيلية والتواصل مع الجهات المختصة، بالإضافة إلى صمود وإصرار سكان البلدة على التصدي للاحتلال واعتداءاته.

وضع صعب

وأما يوسف عبيد-أحد سكان العيسوية-، فيصف الوضع بالبلدة بغاية الصعوبة، نتيجة استمرار الاقتحامات الإسرائيلية وعمليات التنكيل بالأهالي واستباحة بيوتهم واعتقال أبنائهم.

ويوضح عبيد لوكالة "صفا" أن البلدة تشهد تصعيدًا إسرائيليًا خطيرًا وغير مسبوق، خاصة عقب استشهاد الشاب عبيد والمماطلة في تسليم جثمانه لذويه حتى اللحظة.

وتستهدف سلطات الاحتلال أهالي العيسوية بالمخالفات والضرائب الباهظة، ومصادرة الأراضي والاستفزازات المستمرة عبر توقيف الشبان وإخضاعهم للتفتيش المهين والتنكيل بهم.

ومنذ أحداث الخميس الماضي، يشير عبيد إلى ازدياد وتيرة الاقتحامات الإسرائيلية للبلدة من جميع محاورها بمئات الجنود وعناصر شرطة الاحتلال التي تستهدف كل شيء بالبلدة وتنغص حياة سكانها.

ويؤكد أن العملية الإسرائيلية بحق العيسوية وسكانها يوم استشهاد محمد عبيد كانت مبيتة، بسبب حالة الاستنفار القصوى لدى الاحتلال وانتشار قواته داخل البلدة، لافتًا إلى أن الشهيد لم يشكل أي تهديد على الاحتلال، وتم قتله بدم بارد.

ويشدد على أنه بالرغم من عنجهية الاحتلال، إلا أن العيسوية بجميع سكانها ومؤسساتها وقواها الوطنية والإسلامية موحدون في مواجهة الاحتلال واعتداءاته العنصرية.

هبة شعبية

ويقول الكاتب المقدسي راسم عبيد في مقالة له إن العيسوية تشهد اليوم هبة شعبية نتاج لممارسات الاحتلال وقمعه وتنكيله المستمرين بحق أهلها، فالاحتلال يريد أن يدفع السكان نحو الاستسلام بكسر إرادتهم وتحطيم معنوياتهم.

ويضيف أن" الاحتلال يشعر بأن العيسوية أضحت له صداع رأس دائم، ولذلك هو يشن حربه الشاملة عليها"، مبينًا أن البلدة دائمًا تكون في قلب الحدث، وهي بكل مكوناتها ومركباتها الوطنية السياسية والمجتمعية والشعبية، لم تنزل عن جبل أحد، ولذلك كانت دومًا عرضة لكل أشكال العقوبات من قبل أجهزة الاحتلال الأمنية والمدنية.

وبحسب عبيدات، فإن جيش ومخابرات الاحتلال ينكلون بالمواطنين ويتفننون في قمعهم وإذلالهم عبر فرض عقوبات جماعية بحقهم، وإغلاقات متكررة لمدخل البلدة بالمكعبات الإسمنتية وعمليات دهم وتفتيش واعتقالات، وإطلاق للرصاص الحي والمطاطي والقنابل المسيلة للدموع والقنابل الصوتية، ومنع أي نشاط أو فعالية.

ويشير إلى أن دائرة المعارف الإسرائيلية وبلدية الاحتلال لا توفران الغرف الصفية لطلبة العيسوية، وتسعيان الى أسرلة المنهاج الفلسطيني في مدارسها، بهدف واضح هو "تطويع وصهر" وعي طلبتها، وتفريغهم من محتواهم الوطني والنضالي.

ويشدد عبيدات على أنه في ظل حالة القمع والتنكيل المتواصلة بحقهم، لم يكن أمام أهالي العيسوية أي خيار سوى الصمود والمقاومة، ولذلك انتفضوا في وجه الاحتلال.

/ تعليق عبر الفيس بوك