مصانع "بركان" الاستيطانية بسلفيت تنفث سمومها بلا رقيب

سلفيت - خاص صفا

ليست سرقة الأرض ونهب خيراتها فقط ما يؤرق سكان محافظة سلفيت شمال الضفة الغربية المحتلة حيال التمدد الاستيطاني على أراضيهم، بل أيضًا أطنان السموم التي تنفثها تلك المستوطنات كل يوم.

 

فعلى مدار الساعة، تواصل أربع مناطق صناعية استيطانية تلويث البيئة في سلفيت بمكوناتها المختلفة من هواء ومياه وتربة، بفعل انسياب مياهها العادمة في الوديان.

 

والمناطق الأربع هي: "أريئيل" الصناعية، و"إيلي زهاف- بدوئيل" الصناعية، و"بركان" الصناعية، و"عمانوئيل" الصناعية.

 

وتعتبر المناطق الصناعية الأربع مصدر التلوث الأساسي للبيئة في سلفيت، وتأتي في صدارتها مستوطنة "بركان" ذات الأثر البيئي المدمر.

 

وأقيمت مستوطنة "بركان" عام 1981 على أراضي قرى حارس، وكفل حارس، وقراوة بني حسان، وسرطة، وعلى مدى أربعة عقود، تضاعفت مساحتها لتصبح الآن مدينة صناعية كبيرة، تحوي أكثر من 35 منشأة صناعية، تقدر الاستثمارات فيها بمليارات الدولارات.

 

وتنتج مصانع "بركان" صناعات متعددة، كالألمنيوم، والفيبرجلاس، وإعادة تدوير البلاستيك، والإلكترونيات، والصناعات العسكرية.

 

وتخلف كميات كبيرة من مياه الصرف الصناعي السائلة، والتي تنساب باتجاه الأودية المجاورة، ملوثة الأراضي الزراعية للمزارعين الفلسطينيين بواد المطوي الواقع بأراضي بروقين وتمتد إلى قرى سرطة وكفر الديك.

 

المهندس رائد موقدي من مركز أبحاث الأراضي يقول إن هذه المصانع تعمل بطريقة غير قانونية حتى وفق القوانين الإسرائيلية.

 

ويشير موقدي لوكالة "صفا" إلى أن مصانع "بركان" لا تتبع الإجراءات السليمة في التخلص من النفايات ومعالجتها، وتضخ مياهها العادمة في الأرض، وتنفث أدخنتها في الهواء، بدون معالجتها بالشكل الصحيح.

 

وتركت المياه العادمة لهذه المصانع أثرًا بالغًا على الثروة الحيوانية في المنطقة، كما أصبحت التربة غير صالحة للزراعة، فضلًا عن تسببها بانتشار الخنازير والقوارض والحشرات.

 

ورغم عدم وجود إحصائيات وأبحاث حول الأثر المباشر لتلك المخلفات على صحة السكان بالمنطقة، إلا أن السكان يعانون من الأمراض التي تحملها الحشرات كالبعوض وغيره.

 

ويلفت إلى أن السلطة الفلسطينية راسلت عديد الجهات الدولية لاطلاعها على خطورة هذه المصانع على الإنسان والبيئة، إلا أن كل ذلك لم يجد آذانًا صاغية، ولم يتغير شيء على أرض الواقع.

 

تدمير للبيئة

الباحث المختص بشؤون الاستيطان في سلفيت خالد معالي يقول إن "بركان" تعتبر من أسوأ المناطق الصناعية في مجال تدمير البيئة ونشر الأمراض السرطانية.

 

ويبين معالي لوكالة "صفا" أن نفايات هذه المصانع تحتوي على عناصر خطرة والمعادن الثقيلة السامة، كالألمنيوم والكروم والرصاص والزنك والنيكل والأحماض والمعادن.

 

ويضيف: "مثل هذه المخلفات تلحق الضرر الكبير بالبيئة، وتسهم بتدمير وتدهور وتلويث عناصرها المختلفة، واستنزاف مواردها، وتأخير وعرقلة وإعاقة تنفيذ برامج وخطط ومشاريع هادفة لإعادة تأهيل البيئة وحمايتها".

 

وتخترق المياه العادمة طبقات الأرض لتصل إلى المياه الجوفية في هذه المناطق، ما يتسبب بتلوث مياه الكثير من العيون والآبار، وهو ما تشير له تقارير سلطة المياه الفلسطينية أيضا، بحسب معالي.

 

ولا يقتصر التلويث الناتج عن هذه المصانع على الهواء والتربة والمياه، بل يمتد للتلويث الصوتي، حيث يشكو سكان سرطة وقراوة بني حسان وحارس من الإزعاج المستمر الناتج عنها.

 

ويذكر معالي أن مصانع "بركان" رحّلت من الداخل المحتل إلى الضفة الغربية، بعد رفع دعاوى قضائية قدمتها مؤسسات إسرائيلية تعنى بالبيئة وصحة الأفراد لخطورة المواد التي تبثها على البيئة والإنسان.

 

ويؤكد انتشار عديد الأمراض وأنواع غريبة من البعوض والفطريات وأمراض غريبة لم تكن معروفة سابقًا في هذه القرى، إضافة إلى الأضرار الأخرى التي تؤثر على صحة الإنسان.

 

استغلال للعمال

ونظرًا لغياب الرقابة على تطبيق القانون في هذه المصانع، فإنها باتت تستقطب العمال الفلسطينيين الباحثين عن العمل، حتى ولو بظروف غير لائقة.

 

ويؤكد موقدي أن العمال الفلسطينيين الذين يأتي بهم السماسرة للعمل بهذه المصانع، يعملون بظروف لا تتوفر فيها متطلبات الصحة والسلامة المهنية، لا يحصلون على كامل حقوقهم.

 

وتشجع الظروف التي تعمل بها مصانع "بركان" بعيدا عن القوانين الصارمة في دولة الاحتلال، على إنشاء مزيد من المصانع فيها.

 

ويقول موقدي إن المستوطنة تشهد عمليات توسع وتمدد مستمرة ويومية، ويتم حاليًا إقامة مصنعين جديدين فيها على أراضي بروقين.

 

ويختم بقوله: "استنزاف الأرض الفلسطينية لصالح هذه المستوطنة لا يقتصر على ما تصل إليه الجرافات الإسرائيلية، بل يمتد إلى مساحات واسعة أبعد من ذلك، إذ يمنع الاحتلال التوسع العمراني الفلسطيني والنشاط الزراعي في محيطها".

/ تعليق عبر الفيس بوك

استمرار "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة